هل لاحظتِ أن طفلك يتكلم بطلاقة في المنزل، لكنه يجد صعوبة شديدة في الكلام عند المدرسة أو أمام الغرباء؟ هذا ليس عناداً أو خجلًا فقط، بل قد يكون مؤشراً على اضطراب الصمت الانتقائي، تابعينا في هذه المقالة لتتعرفي خطوة بخطوة على أسباب الحالة وأعراضها وكيفية التعامل معها بطريقة احترافية مدعومة بأحدث الدراسات.

ads

ما هو الصمت الانتقائي؟

قبل الغوص في التفاصيل، من المهم أن نعرف تعريف الاضطراب بشكل واضح:

الصمت الانتقائي (Selective Mutism) هو اضطراب قلقي يظهر عند الطفل على شكل عدم القدرة على التحدث في مواقف معينة، رغم قدرته على الكلام في بيئة مريحة مثل المنزل  .

أسباب الصمت الانتقائي

للصمت الانتقائي عدة محفّزات وغالباً يكون مزيجاً من عوامل متداخلة، مثل:

• القلق الاجتماعي والخوف من الاحراج
• عوامل وراثية واستعدادات نفسية  
• صعوبات في اللغة أو التعلم (حوالي 20–30% من الحالات)  
• بيئة ثنائية اللغة أو متعددة اللغات  
• تغيرات كبيرة في الحياة مثل الانتقال أو الانضمام لمدرسة جديدة

أعراض الصمت الانتقائي

تشتمل الأعراض على مظاهر سلوكية وجسدية تشكل مرآة لحالة الطفل، وذلك كما يلي:

• سلوكية: تجنب الكلام أمام الغرباء، استخدام الإيماءات فقط، التمسك بالأهل، تجنب التواصل البصري، نوبات غضب عند محاولة إجباره  
• جسدية: جفاف الفم، تسارع نبضات القلب، آلام البطن أو الصداع، ارتجاف اليد، احمرار الوجه  

معايير تشخيص الصمت الانتقائي (وفق DSM‑5)

يعتمد التشخيص الدقيق على توافق عدة شروط كما في النسخة الخامسة من الدليل التشخيصي، وهي تتمثل عموماً بهذه المعايير:

• استمرار الصمت لأكثر من شهر في مواقف اجتماعية معينة.
• تأثر الأداء الاجتماعي أو التعليمي.
• قدرة الطفل على فهم اللغة والتحدث في مواقف آمنة (كالمنزل).
• استبعاد أسباب أخرى مثل التوحد أو التأتأة أو اضطرابات ذهانية أخرى.

الفرق بين الصمت الانتقائي والتوحد

الخلط بين الصمت الانتقائي والتوحد أمر شائع جداً، لذا من الضروري معرفة الفروقات بدقة:

• في الصمت الانتقائي، يتحدث الطفل بطلاقة في البيت ويصمت فقط في مواقف محددة
• بينما الطفل المصاب بالتوحد يعاني من صعوبات في الكلام والتواصل عبر جميع السياقات.

التأثيرات المحتملة إذا لم يُعالج الصمت الانتقائي مبكراً

التراخي في علاج حالة الصمت الانتقائي عند طفلك قد يعقد الحالة ويؤدي إلى تبعات واضحة، مثل:

• تراجع التحصيل الدراسي والعزلة الاجتماعية.
• تطور اضطرابات قلق إضافية أو اكتئاب.
• ضعف الثقة بالنفس وتفاقم مشاكل اللغة والتواصل.

أفضل طرق العلاج لاضطراب الصمت الانتقائي

لكل مشكلة حل، فلا تقلقي حول كيفية علاج طفلك من هذه الحالة، لأن الأمر يتعلق بالدرجة الأولى باستعداد وطفلك للبدء بتخطي الحالة، وإليكِ أهم اشكال وطرق العلاج:

أ) العلاج السلوكي المعرفي (CBT)

يعتبر الخط العلاجي الأول والفعّال في حالات الصمت الانتقائي، ويتم من خلال:

• التعرض التدريجي للمواقف المسببة للقلق
• تعزيز التواصل خطوة بخطوة
• دعم وتشجيع السلوك الإيجابي للطّفل أثناء الرحلة  

ب) العلاج بالتعبير واللعب والرسم

في بعض الحالات، تساعد الأنشطة الفنية واللعب في تسهيل التواصل، مثل استخدام الرسم أو اللعب كمدخل للتعبير والتفاعل تدريجيًا  

ج) علاج النطق واللغة

ضروري للأطفال الذين لديهم عيوب في النطق أو تأخيرات لغوية، وقد يكون ذلك عن طريق تدريب عملي مع أخصائي نطق لتحسين القدرة على التحدث بثقة  

د) العلاج الدوائي (في الحالات الشديدة فقط)

يُستخدم فقط عند عدم تحسن الحالة عبر العلاجات الأخرى، وتكون الأدوية عبارة عن مضادات الاكتئاب ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية بوصفة طبية وإشراف طبي متواصل، خاصة للمراهقين والبالغين  

دور الأسرة والمدرسة في دعم الطفل

دور الأسرة والمدرسة مكملان للعلاج المهني ويساعد طفلك بشكل كبير على التحسن، فاجعلي نظام أسرتك رديفاً لدعم المدرسة حتى يحقق طفلك نتائج مرجوة ومؤكدة، وهذا يتحقق من خلال:

• شرح حالة الطفل للمعلمين لتفهم طبيعة الصمت
• تهيئة بيئة آمنة ومريحة لطفلك
• تشجيع مشاركة الطفل في أنشطة لا تحتاج للكلام فورياً
• الامتناع عن الضغط أو العقاب مع مدح كل تطور ولو بسيطاُ

الصمت الانتقائي ليس نهاية الطريق، بل بداية لفهم أكثر لطبيعة طفلك واحتياجاته، لذا بدعمكِ لطفلكِ وإعطائه الوقت والمساحة يمكنه استرجاع ثقته والتحدث بسلاسة، إذاً اختاري العلاج المناسب المبكر وتعاوني مع المختصين والمعلمين لتحقيق نتائج إيجابية تُمكّنه من الانطلاق بثبات نحو المستقبل.

المصادر:

Anxiety Canada

Verywell mind

Cleveland clinic